ملاحظات حول قانون هيأة الاشراف القضائي العراقي رقم 29 لسنة 2016
المستشار القانوني المساعد : ماجد شناطي نعمه
في مقاله الموسوم
(دور الإشراف القضائي في تحقيق استقلال القضاء) أشار الأستاذ القاضي ليث جبر حمزة
الى مواضيع هامة تتعلق بعمل هيأة الاشراف القضائي واتماماً للفائدة ، فإنني استميحه
عذراً واقدم بين جنبات مقالته بعض الملاحظات القانونية التي اسجلها في نفس موضوع البحث
الذي كان له فضل السبق فيه: فاقول ، انه من خلال البحث المنشور والرجوع لقوانين
النظام القضائي في العراق وقدر تعلق الامر بقانون هيأة الاشراف القضائي رقم 29
لسنة 2016 فانني اسجل الملاحظات التالية
أولا: عدم منح هيأة الاشراف القضائي الاستفلال المالي والإداري:
المشرع العراقي في قانون
هيأة الاشراف القضائي رقم 29 لسنة 2016 أشار وفي (المادة 1) على انه (تشكل في مجلس
القضاء الاعلى هيأة تسمى هيأة الاشراف القضائي تتمتع بالشخصية المعنوية
وتعد من مكونات السلطة القضائية الاتحادية وتتألف من رئيس ونائب للرئيس وعدد كاف
من المشرفين القضائيين). والملاحظ من خلال النص ان المشرع منح هيأة الاشراف
القضائي (الشخصية المعنوية) فقط ولم يمنحها (الاستفلال المالي والإداري) كما فعل
مع جهاز الادعاء العام بموجب (المادة 1) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017
التي نصت على انه (اولا: يؤسس جهاز يسمى جهاز الادعاء العام ويعد من مكونات السلطة
القضائية الاتحادية يتمتع بالاستقلال المالي والاداري ويكون مقره في بغداد. ثانيا:
يتمتع جهاز الادعاء العام بالشخصية المعنوية ويمثله رئيس الادعاء العام او من يخوله).
وهذا الموقف من المشرع توجه في غير محله.
ثانيا : حدود صلاحية هيأة الاشراف القضائي في الرقابة :
بصدد الصلاحيات الرقابية
ورد في مقال الأستاذ القاضي قوله (... تقوم – أي الهيأة - بمهمة الرقابة والإشراف
على حسن الأداء في المحاكم الاتحادية وجهاز الادعاء العام باستثناء المحكمة
الاتحادية العليا ومحكمة التمييز الاتحادية والدور الذي تضطلع به حاليا هو دور تقويمي
وإرشادي للعملية القضائية في البلد...) وبالرجوع الى ( المادة 3) من قانون الهيأة
نجد انها تشير الى انه : (تتولى الهيأة المهام الاتية : اولا : الرقابة والاشراف على حسن الاداء في
المحاكم الاتحادية عدا المحكمة الاتحادية العليا ) . فالهيئة تشرف حتى على محكمة
التمييز الاتحادية والاستثناء القانوني الوحيد هو المحكمة الاتحادية العليا التي
لا تملك الهيأة صلاحية الرقابة فيها وهذا ما أشار له موقع السلطة القضائية الرسمي https://www.hjc.iq/Judicial-system.php عند حديثه عن النظام القضائي اذ أشار وقدر تعلق الامر بهيأة الاشراف
القضائي الى انه (هيئة
الاشراف القضائي: الجهة المسؤولة عن مراقبة سلوك القضاة والموظفين في جميع محاكم
العراق (عدا المحكمة الدستورية ومحاكم اقليم كردستان).
ثالثا : الجدوى الرقابية لهيأة الاشراف القضائي : بالرحوع الى احكام قانون الهيأة حول جدوى عمل الهيأة نلاحظ ما يلي :
1-الملاحظ
من خلال (المادة 4) من القانون البند ثانيا وثالثا، انهما نصا على ما يلي:
(ثانيا
: يجوز للمشرف القضائي توجيه العاملين في المحاكم اوفي مقار الادعاء العام من غير
القضاة وأعضاء الادعاء العام الى الاسلوب الصحيح في انجاز العمل وفقا للقانون . ثالثا
: لرئيس مجلس القضاء الاعلى ولرئيس الهيأة تكليف احد المشرفين القضائيين بأجراء
التحقيق بأية شكوى وان كانت قد قدمت من شخص مجهول متى كانت مشتملة على وقائع جديرة
بالتحقيق وتقديم تقريره بذلك ويجوز للمشرف القضائي القيام بذلك اذا ما وردته مثل
هذه الشكوى بعد عرضها على رئيس الهيأة). اما (المادة 5) فقد أعطت للمشرف القضائي
سلطة قاضي تحقيق عند قيامه بالتحقيق في الشكاوى. فالمادة الرابعة تشير الى مصطلح توجيه
العاملين في المحاكم اوفي مقار الادعاء العام من غير القضاة وأعضاء الادعاء العام
الى الاسلوب الصحيح في انجاز العمل وفقا للقانون ،ولم يحدد القانون شكل هذا التوجيه
وفيما ان كان تحريريا ام شفهيا ، كما ان من المعلوم ان هذا التوجيه سيكون غير ملزم
لمن وجه له ، لان القانون لم يجعله كذلك ، كما لم يرتب أي اثر على مخالفته ، كما
ان من وجه له التوجيه سوف لن يلتزم به لانه مرتبط إدارياً بمسؤوله المباشر وهو غير
من وجه له الامر.اما بصدد التحقيق بالشكوى المقدمة ومنح المشرف صلاحية قاضي تحقيق فان
اللجوء اليها هي صلاحية جوازيه لرئيس مجلس القضاء ولرئيس الهيأة ان ارادا القيام
بذلك فبه والا فلا مجال للتحقيق ولم يعالج المشرع حالة طلب احدهما دون الاخر فلو
امر رئيس مجلس القضاء بعدم التحقيق واصر رئيس الهيئة على ذلك فلمن كلمة الفصل وما جدوى
التحقيق ومخرجاته ؟.
2: اشارت المادة ( 7 ) من القانون الى انه ( تشكل
بقرار من رئيس الهيأة لجنة من ثلاثة مشرفين قضائيين تتولى ماياتي :اولا : دراسة
تقارير المشرفين القضائيين وتقارير رئاسات محاكم الاستئناف الاتحادية ومقار
الادعاء العام التي يجب ان تقدم كل سنة وبيان الراي بما ورد فيها . ثانيا : تقييم كفاءة اداء القضاء واعضاء
الادعاء العام في ضوء ماورد في التقارير المنصوص عليها في البند (اولا) من هذه
المادة . ثالثا : انجاز ما يحيله رئيس
الهيأة اليها ) فهذه اللجنة تقوم بالدراسة للتقارير وتقييم الأداء ولكن ما هو اثر
هذه الإجراءات عند مجلس القضاء الأعلى ؟
(المادة
9) من قانون الهيأة اجابت على هذا السؤال بانه (لمجلس القضاء الاعلى ان يأخذ
بتقارير هيأة الاشراف القضائي عند نظره في كل ما يخص القضاة وأعضاء الادعاء العام
كالترقية والنقل والانتداب). فالمادة جعلت الامر من (الصلاحيات الجوازية لمجلس
القضاء ) ان شاء اخذ بتلك التقارير وان شاء لم يأخذ بها بدون ان يكلفه حتى عناء
الرد عليها ، واذا ما علمنا ان الغلبة في مجلس القضاء الأعلى هي للصفة القضائية مع رئيس جهاز الادعاء العام ،ىعلمنا
ان الاخذ بتلك التقارير سيكون امر قليل الحدوث.
3:
اشارت ( المادة 10) من قانون الهيأة الى انه ( لرئيس هيأة الاشراف القضائي اذا
تبين له ارتكاب القاضي او عضو الادعاء العام (خطأ غير جسيم ) ان يوجه له كتابا
يدعوه الى( عدم العودة الى مثل ذلك في المستقبل ) وتعطى نسخة من هذا الكتاب الى
رئيس مجلس القضاء الاعلى الاتحادي او الى رئيس محكمة الاستئناف المختص او رئيس
الادعاء العام اذا كان الامر يخص احد اعضاء الادعاء العام اما اذا كان الخطأ جسيما
او من شأنه ان يمس كرامة القضاء فعلى رئيس الهيأه ان يعرض الامر على رئيس مجلس
القضاء الاعلى ليقرر ما يراه مناسبا ). فالمادة لم تعطي الكثير من الأهمية (لكتاب
عدم العودة الى مثل ذلك) اذ لم تبين ما هو إثر الكتاب؟ وما الذي يترتب عليه؟ ثم ما
إثر تسليم نسخة منه للجهات المشار لها في المادة؟ ان كان هذا التسليم – وكما يلاحظ
من المادة - بدون ان يتضمن أي اثر يرتبه القانون على ذلك الكتاب، وهذا كله في الخطأ
غير الجسيم، اما في ا(لخطأ الجسيم)، فعلى رئيس الهيأة ان يعرض الامر على رئيس مجلس
القضاء الاعلى ليقرر ما يراه مناسبا، فرئيس الهيأة ملزم قانونا بعدم اتخاذ أي اجراء
-برغم الخطأ الجسيم – والاجراء الوحيد هو عرض الامر على (رئيس مجلس القضاء) وليس على
(مجلس القضاء) وذلك ليقرر رئيس المجلس ما يراه مناسبا
ان الغاية من الملاحظات
أعلاه لإغناء هذا الموضوع الذي يعتبر من المواضيع الهامة كونه يرتبط بعمل هيأة
الاشراف القضائي وما تقوم به من مهام جسيمة، نتمى ان تقوم بها بوجود شخصيات ذات
مهنية واخلاق عالية كالأخ الأستاذ كاتب المقال القاضي ليث جبر حمزة حرسه الله وحماه
هو وكل المخلصين في مجلس القضاء الأعلى، بالحق والعدل والصدق والنزاهة.
المستشار القانوني المساعد ماجد شناطي نعمة – ماجستير قانون عام