الوجيز في النظام الانضباطي للموظف العام
-التدوينه الرابعة –
بيان المخالفة الانضباطية
انتهينا في التدوينة الثالثة من هذا الوجيز في النظام الانضباطي الى تفصيل
مواضيع النظام الانضباطي، وسنكمل في تدوينتنا هذه الحديث عن هذا النظام من خلال
بيان اهم المسائل المتعلقة به، لذلك فأننا سنتحدث اليوم عن أول هذه المواضيع الا
وهو : (بيان المخالفة الانضباطية)
فنقول:
تعددت التسميات والمصطلحات التي
أطلقها القانون والفقه والقضاء على الخطأ الذي يرتكبه الموظف العام ويؤدي الى
وقوعه تحت طائلة المساءلة الإدارية ، فهناك من اطلق عليها مصطلح الجريمة التأديبية
او الخطأ التأديبي ، وهناك من استخدم مصطلح الذنب او الاثم الإداري، وهناك من
استخدم مصطلح الجرائم ذات العقوبات التأديبية ، كما استخدم البعض الاخر مصطلح
المخالفة المسلكية او الجريمة الانضباطية او المخالفة الانضباطية ، وعلى الرغم من
اختلاف هذه المصطلحات الا انها تعبر عن معنى واحد هو اخلال الموظف بواجبات وظيفته
او خروجه عن مقتضيات تلك الوظيفة او ارتكابه عملا محظورا عليه بموجب تلك القوانين
والأنظمة . وسنحاول في موضوع بيان المخالفة الانضباطية، تقديم تعريف لهذه المخالفة
من خلال الوقوف على موقف المشرع العراقي واجتهادات الفقه والقضاء من الموضوع.
أولا - مفهوم المخالفة الانضباطية في التشريع العراقي:
لم يضع المشرع العراقي تعريفاً محدداً للمخالفة الانضباطية في التشريعات
المتعاقبة اذ خلت قوانين انضباط موظفي الدولة لسنة 1929 ولسنة 1936، ولسنة 1991 من
وضع تعريف لهذا الموضوع، واكتفت المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة رقم (69)
لسنة 1936 الملغى بتحديد الواجبات الملقاة على عاتق الموظف والأفعال المحظورة
عليه، إلاّ إنـه لـم يحددها على سبيل الحصر بسبب الصعوبات العملية التي تواجه
عملية حصر المخالفات الانضباطية. ونصت المادة (7) من قانون انضباط موظفي الدولة
والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 على إنه : (إذا خالف الموظف واجبات وظيفته أو
قام بعمل من الأعمال المحظورة عليه يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا
القانون و لا يمس ذلك بما قد يتخذ ضده من إجراءات أخرى وفقاً للقوانين ,,.)
ثانيا مفهوم المخالفة الانضباطية في الفقه العراقي:
قدم الفقه العراقي العديد من التعاريف للمخالفات الانضباطية ، لعل من
أهمها تعريف د. شاب توما منصور، بأنها : ( إن عدم قيام الموظف بالواجبات التي نص
عليها القانون يكون خطأً تأديبياً) ([1])
.وتعريف د. عبد القادر الشيخلي ، على أنها :( التكييف القانوني لظاهرة إهمال
الموظف وتقصيره في أداء واجباته أثناء الخدمة وبسببها )([2])
.و تعريف د. ماهر صالح الجبوري : ( إخلال الموظف بواجباته الوظيفية مما يستوجب
مسؤوليته الانضباطية ) ([3])
.و تعريف مهدي الزهيري ، بأنها : ( فعل إرادي يصدر عن الموظف يشكل إخلالاً بواجبات وظيفته أو مخالفة لمقتضياتها ) ([4])
.
ثالثاً- مفهوم المخالفة الانضباطية في القضاء الإداري العراقي:
عرف مجلس الانضباط العام سابقا محكمة قضاء الموظفين حاليا المخالفة
الانضباطية في قراره رقم (30) الصادر في: 29/3/1972، على إن: (الموظف يؤاخذ
تأديبياً في حالة (إخلاله بواجبات وظيفته وخروجه على مقتضى الواجب وإخلاله
بكرامتها ...،)([5]). كما عرفها أيضاً في
قراره رقم (161) الصادر في: 21/تموز/1973، على إنها: ( إخلال الموظف بواجبات
وظيفته وخروجه على مقتضياتها وعدم مراعاته التعليمات والقواعد الحسابية وتقصيره في
أداء واجباته يكون سبباً لمعاقبته تأديبياً)[6]
.. كما عرفتها المحكمة الإدارية العليا في قرارها المرقم 457 / قضاء موظفين –
تمييز / 2014 الصادر في 4 / 2 / 2016 بقولها: (... ( مخالفة الموظف لواجبات وظيفته
) .. يستوجب معاقبته بإحدى العقوبات الانضباطية) وضمن حيثيات تسبيب القرار ذكرت
المحكمة (... ان العقوبة جاءت منسجمة وملائمة لحجم المخالفة المرتكبة من المدعية
وذلك لتسلمها النهائي للمشروع بالرغم من فشل وانهيار في القاعدة الكونكريتية ولم
تبد اعتراضا او تحفظا على محضر التسليم..)([7]).
[1]- د. شاب توما منصور، القانون الإداري ، الكتاب
الثاني ، بغداد ، 1980 ، ط1 ، ص367 .
[3] – د. ماهر صالح علاوي الجبوري ، مبادئ القانون
الإداري – دراسة مقارنة ، دار الكتب للنشر والتوزيع ، الموصل ، ص 122 .
[4] - مهدي حمدي
الزهيري ، إنهاء العقوبة الانضباطية للموظف العام في القانون العراقي ، رسالة
ماجستير ، مقدمة إلى ، كلية القانون –جامعة بغداد ، 1998 ، ص10 .
[5] - قرار مجلس
الانضباط العام رقم(30) في : 29/3/1972 مذكور لدى :-د. عبد القادر الشيخلي ، مصدر
سابق ، ص 41-42 .
[6] - قرار مجلس
الانضباط العام رقم (161) في: 21/7/1973، منشور بمجلة العدالة ، العدد ( 2 )، 1975
، ص507
[7] - القرار
منشور في مجموعة قرارات مجلس الدولة وفتواه لسنة 2016 – منشورات المجلس – ص 343 .