مبدأ شرعية العقوبة الانضباطية
يقصد بمبدأ الشرعية في القانون الجنائي أن المشرع هو الذي يحدد الجرائم والعقوبات الجنائية وأن القاضي لا يملك أن يوقع عقوبة غير التي حددها وعينها النص ، ولا أن يقضي في جريمة بغير العقوبة المقررة لها في التشريع ، فتحديد الافعال التي تعد جرائم وبيان اركانها وتحديد العقوبات المقررة لها من حيث نوعها او مدتها كل ذلك يجب ان يرد في نص قانوني مكتوب يضعه المشرع سلفا ، وهو ما يعني وجود ارتباط كامل بين كل جريمة على حدة وبين ما يقابلها من عقوبة تناسبها ، وبذلك تنحصر سلطة القاضي في توقيع العقوبة المقررة بالنص للجريمة المعروضة عليه في إطار الحدين الأدنى والأقصى المبينين في القانون ، أما مبدأ شرعية العقوبة في المجال الانضباطي فإن له مفهوما خاصا يختلف عنه في المجال الجنائي إذ لم يحدد المشرع المخالفات الانضباطية على سبيل الحصر وذلك بسبب الصعوبات العملية التي تواجه عملية حصر المخالفات الانضباطية ، بل حدد فقط وعلى سبيل الحصر العقوبات الانضباطية ، فأوجب بأن يكون للعقوبة الانضباطية سند في نصوص القانون بمعناه العام ، فهو يترك للسلطة الانضباطية المختصة حرية اختيار العقوبة الملاءمة لكل مخالفة انضباطية من بين قائمة العقوبات الانضباطية المحددة سلفا بالنصوص القانونية .
وحكمة هذا المبدأ واضحة وصريحة وهي إلزام سلطة الانضباط – أيا كانت هذه السلطة – بتوقيع ( العقوبات الانضباطية المحددة بالنصوص على سبيل الحصر) بحيث يمتنع عليها ابتداع عقوبات جديدة خارج نطاق العقوبات المحددة مهما كانت تلك العقوبات ملاءمة مع موضوع المخالفة المرتكبة وذلك لان مهمة سن العقوبات الانضباطية ليس من اختصاصها ولا يتعلق بولايتها ، ولقد نص قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام في العراق رقم 14 لسنة 1991 على قائمة العقوبات الانضباطية التي يجوز توقيعها على الموظفين الخاضعين لأحكامه ، وذلك في المادة (8) منه وحددها بالعقوبات التالية ( لفت النظر والإنذار و قطع الراتب و التوبيخ و إنقاص الراتب و تنزيل الدرجة و الفصل و العزل) ويترتب على مخالفة هذا المبدأ نتيجة منطقية تتمثل في بطلان القرار الصادر بفرض العقوبة الانضباطية التي لم تحددها النصوص القانونية وذلك لمخالفتها للقانون وبهذا الصدد ذهبت المحكمة الادارية العليا في العراق في قرارها المرقم 487 / قضاء موظفين -تمييز / 2013 في 14 / 8 / 2014 الى تصديق قرار محكمة قضاء الموظفين الذي ابطل قرار الادارة بنقل الموظفة من محافظة بغداد الى محافظة ميسان بعد فرض عقوبة التوبيخ عليها ، ومما جاء في حيثيات القرار قول المحكمة ( ... وحيث ان النقل حصل في صورة العقوبة المقنعة وانه واقع من محافظة بغداد الى محافظة ميسان وهي غير المحافظة التي تسكن فيها المدعية مما يلحق اضرارا جسيمة بالمدعية ، وحيث ان المقتضى القانوني ان يكون جزاء المخالفة الانضباطية هو العقوبة الانضباطية ... وحيث ان دائرة المدعية فرضت العقوبة التي تراها تناسب الفعل الذي ارتكبته المدعية ... فلا يجوز ان تتخذ العقوبة غير صورة العقوبات الانضباطية التي حددها القانون . ذلك ان القانون حدد العقوبات الانضباطية وترك للإدارة حرية تحديد الفعل الذي يقابل هذه العقوبة ) .
المستشار القانوني المساعد
ماجد شناطي نعمه
ماجستير قانون عام