مدونة قانونيات / متابعات قانونية
مقال قيم للاستاذ الدكتور غازي فيصل مهدي
بعنوان
متى ينفذ القانون ويلغى في العراق ؟
الدكتور غازي فيصل مهدي
نصت المادة ( ١٢٩) من الدستور العراقي على ان (تنشر القوانين في الجريدة الرسمية ويعمل بها من تاريخ نشرها مالم ينص على خلاف ذلك) علما ان بعض دساتير دول العالم قضت بالعمل بالقوانين من اليوم التالي لنشرها في الجريدة الرسمية او بعد مرور مدة معينة على النشر وحسن هذا حكما لأنه يسمح للافراد بالاطلاع على القانون والعلم به فتنشأ قرينة قاطعة على العلم لاتقبل دحضا .هذا وطبقا للنص المذكور فأن نفاذ القانون يكون:-
(٢)بأثر رجعي وفي هذا محذور ويشكل استثناء لايجوز التوسع فيه علما ان هذا الاستثناء لاينطبق على القوانين الجزائية وقوانين الضرائب والرسوم المالية نزولا عند حكم البندين (تاسعا وعاشرا) من المادة (١٩) من الدستور .
(٣) من تاريخ التصويت عليه من مجلس النواب وهذا ماقضت به بعض القوانين التي صدرت في الاونة الاخيرة وهذا محل نظر واعتراض من وجهة نظرنا لأنه قد يوحي باختزال مرحلتي المصادقة والاصدار اللتين يتولاهما رئيس الجمهورية كما ذهب إلى ذلك المتوهمون .ان مثل القوانين المذكورة لايمكن أن تدخل حيز النفاذ مالم تستوف المرحلتين المذكورتين وتنشر في الجريدة الرسمية عندها يمكن سحب اثارها الى تاريخ التصويت عليها من مجلس النواب . اما عن الغاء القانون فأنه من المتسالم عليه فقها انه على نوعين الاول الالغاء الصريح كأن يصدر قانون يلغي قانونا سابقا بنص صريح او يتضمن احكاما تتعارض كلها او بعضها مع احكام قانون سابق او اكثر وينص على الغاء كل نص يتعارض مع احكامه او يصدر قانون ينص صراحة على سريانه لمدة محددة او في ظروف معينة او لم يستوف القانون الشروط التي تطلبها الدستور ،آما النوع الثاني فهو الالغاء الضمني وله صورتان الاولى ان تأتي احكام القانون اللاحق متعارضة مع احكام قانون سابق ودون ان ينص على الغائها فتطبق قاعدة القانون الجديد ينسخ القانون القديم قدر تعارضه معه اما الصورة الثانية فهي ان يصدر القانون الجديد لتنظيم موضوع تناوله قانون قديم دون ان ينص على الغاء القانون الاخير .
والذي يهمنا ههنا هو الصورة الثانية من الالغاء الصريح وهي التي ينص فيها القانون على الغاء كل نص يتعارض مع احكامه في القوانين النافذة ،فمثل هذه الصورة اشبه بالعمياء لأن الأمر سيخضع للاجتهاد في تحديد الاحكام المتعارضة مع القانون الجديد فكل مطبق قد يفسر النصوص على هواه او بحسب مبلغه من العلم وهو قليل فتأتي الحلول متفاوتة ،كما لايمكن التعويل على القضاء كثيرا لأنه لايعمل تلقائيا بل يحتاج الى رفع دعوى امامه حتى يتحرك اختصاصه فيها .
ان عمل الجهات التنفيذية عندنا تعوزه الدقة وهي تتخبط في بعض الاحيان في تطبيق القانون فبدل ان تكون حارسة على حقوق الافراد وحرياتهم تنقلب لصا عليها فيفزع الافراد الى القضاء طالبين الحماية القانونية لأنه وحده الذي يحقق السلام في المجتمع .وفي الختام نوصي المشرع العراقي ان لايلجأ الى هذه الطريقة في الغاء النصوص القانونية ويحدد على وجه الدقة النصوص التي يروم الغاءها فهذا خير عملا .
للدخول الى رابط نشر المقال على صفحة الاستاذ الدكتور اضغط هنـــــــــــا