recent
احدث المشاركات

مفهوم العفو العام والخاص واثرهما على العقوبات الانضباطية وبالخصوص على عقوبتي الفصل والعزل

مدونة قانونيات / متابعات بحثية

مفهوم العفو العام والخاص واثرهما على العقوبات الانضباطية وبالخصوص على عقوبتي الفصل والعزل

   قُدم لمفهوم الـعفو العـام تعريفات عديدة فقد عٌرف بانه (تجـريد الفـعل من الصفة الإجرامية بحيـث يصـبح لـــه حـكم الأفعال التي لم يجـرمها الشارع أصلا) كما قيل في تعريفه بانه ( تنازل المجتمع عن حقوقه المترتبة على الجريمة كلها أو بعضها ) او انه ( تنازل الهيئة الاجتماعيه عن معاقبة من ارتكب فعلاً يعد جريمة بموجب القوانيـن السائدة وذلك بموجـب قانون ينـظم ذلك ) .

   والرأي الراجح في الفقه ان العفو العام ( هو إجراء تشريعي يصدر بقانون عن السلطة المختصة بتشرع القوانين في ألدوله ويصبح بموجبه ( اي بموجب قانون العفو ) الفعل الاجرامي كانه مباح للمستفيدين منه لانه يزيل أو يرفع الصفة الاجراميه عن هذا الفعل وبالنتيجة يؤدي الى زوال العقوبة الا صليه, والتبعيه والتكميليه دون ان يكون له اثر على الدعوى المدنية المقامة لطلب التعويض ,أو الرد مالم ينص في قرار العفو العام على خلاف ذلك) .

   واختلف الفقه في  شمول العفو العام للعقوبات الانضباطيه (التاديبيه) من عدمه تبعا لنظرته لتلك العقوبات فمن اعتبرها  نوع من انواع العقوبات التبعيه ,والتكميليه فقد ذهب بشمول العفو لها ، في حين ذهب جانب اخر من الفقه الى ان صدور قانون العفو العام لايمنع من بقاء العقوبة الانضباطية او اجراءات احالة الموظف المخالف على اللجان المختصة بالتحقيق الانضباطي ، الا اذا كانت نتيجة للعقوبات الجنائية التي شملها العفو العام فتلغى بوصفها من العقوبات التبعيه  المترتبة عليها  أو اذا وجد نص خاص يقضي بذلك

   اما بالنسبة الى موقف المشرع العراقي من العفو العام فانه صريح وواضح حيث نصت المادة (153 / 1) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 على: (... ويترتب عليه انقضاء الدعوى ومحو حكم الادانه الذي يكون قد صدر فيها, وسقوط جميع العقوبات الاصليه, والتبعيه والتكميليه والتدابير الاحترازيه, ولايكون له اثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات, مالم ينص قانون العغو العام على غير ذلك) ونصت الفقره (3) من الماده في اعلاه على ان ( لايمس العفو العام الحقوق الشخصيه للغير )  فيما نصت المادة (305) من قانون اصول المحاكمات الجزائيه العراقي رقم 23 لسنة 1971 على انه : ( اذا صدر قانون بالعفو العام, فتوقف اجراءات التحقيق ,والمحاكمه ضــد المتهم ايقافا نهائيا ويكون للمتضرر من الجريمة الحق في مراجعة المحكمه المدنيه ) ، ومن خلال تدقيق هذين النصين والجمع بينهما يمكن القول ان القانون العراقي يرتب على العفو العام انقضاء الدعوى الجزائيه اذا كانت قيد التحري ، أو التحقيق أو المحاكمة، ومحو حكم الادانه في حالة صدوره كما يترتب عليه  سقوط جميع العقوبات الاصليه والتبعيه والتكميليه والتدابير الاحترازيه ، أي انه في حالة صدور قانون أو قرار بالعفو العام ولم ينص فيه على استثناء عقوبات معينه . فهنا تسقط جميع انواع العقوبات الجزائية ، والعلة التي دفعت المشرع في القوانيين الجزائية الحديثة إلى النص على العفو العام وذلك للوصول بالمجتمع الى نوع من التهدئة الاجتماعية وذلك عن طريق أسدال ستار النسيان على جرائم ارتكبت في ظل ظروف معينة توصف بانها سيئة اجتماعياً ، وقصد المشرع باصدار قانون العفو العام الى تجاوزها وحذفها من الذاكرة الاجتماعية وذلك لكي يتهيأ المجتمع أو يمضي نحو بدء مرحلة جديدة من حياته لا تعتريها ذكريات تلك الظروف .

اما العفو الخاص فيعرف بانه انهاء التزام بتنفيذ العقوبة ازاء شخص صدر ضده حكم نهائي بها كلياً أو جزئياً أو استبدال التزام اخر به موضوعه عقوبة اخرى وذلك بناء على مرسوم صادر عن رئيس الدولة. ومن الجدير ذكره ، ان هناك تشابه بين العفو الخاص والعفو العام وهو ان تطبيق كل منهما لا يتوقف على تمسك ذوي الشأن بهما فلا يقبل رفضهما أو التنازل من هذا ولا ذاك وان كل منهما لا يمنع من مصادرة الاشياء الممنوع حيازتها قانوناً (المادة 307) اصولية وكذلك لا يكون لكلاهما تأثيراً على ما سبق تنفيذه من عقوبات الا إذا نص قانون العفو أو المرسوم على خلاف ذلك ، هذا وقد اخذ المشرع العراقي بالعفو الخاص بأعتباره سبب من الاسباب التي تؤدي إلى انقضاء العقوبات وذلك في المادة (154) من قانون العقوبات التي تنص على انه (1- العفو الخاص يصدر بمرسوم جمهوري ويترتب عليه سقوط العقوبة المحكوم بها نهائياً كلها أو بعضها أو ابدالها بعقوبة اخف منها من العقوبات المقررة قانوناً). ومن ملاحظة نص المادة انفة الذكر يتضح ان العفو الخاص حق مقرر لرئيس الدولة وان العفو عن العقوبة لا يصدر الا بعد ان يصبح الحكم نهائياً واما قبل ذلك فان للمحكوم عليه سلوك طرق الطعن في الحكم والوصول إلى براءته أو إلى التخفيف من العقوبة ولا محل للعفو مقدما من العقوبة التي يحتمل ان يحكم بها. والعلة التي دفعت القوانيين الحديثة إلى النص على العفو الخاص باعتباره سبباً من الاسباب التي تؤدي إلى انقضاء العقوبات باعتباره السبيل الوحيد لاصلاح الاخطاء القضائية التي تكتشف في وقت لم يعد فيه الحكم قابلاً للمراجعة العادية أو غير العادية وكما انه يعتبر وسيلة لتخفيف من شدة العقوبات التي لا يسمح القانون بالنزول عن حد معين فيها . 

   اما من حيث نطاق العفو الخاص فانه يتسع لجميع العقوبات الاصلية ولكنه لا يتسع للعقوبات الفرعية الا بموجب نص صريح في المرسوم الذي يمنحه، لذلك فانه إذا صدر مرسوم بالعفو الخاص فان القوة التنفيذية للعقوبات الاصلية فقط هي التي تتأثر دون غيرها اما القوة التنفيذية للعقوبات الفرعية فانها لاتتأثر بهذا العفو بل تبقى سارية المفعول وتبقى محتفظة بقوتها في التنفيذ وذلك بموجب نص المادة (154/2) من قانون العقوبات ، هذا وتقتصر الاستفادة من العفو الخاص على الاشخاص المحددين في قرار العفو دون غيرهم من المساهمين معهم في ارتكاب الجريمة المحكومين عنها معاً وذلك لان العفو يبنى على اعتبارات يتعين البحث عنها في شخص من يراد افادته منه، ومن ثم فقد لا تتوافر لدى شخص اخر ولو كانت جريمتهما واحدة. 
 ومن الجدير بالذكر ان العفو الخاص لا يصدر بصورة اعتباطية دون شروط وانما لا بد من توافر جملة شروط لامكانية اصداره ومن هذه الشروط هو شرط اساسي نصت عليه اغلب القوانيين وهو ان العفو لا يصدر الا بعد صدور حكم من المحكمة المختصة واكتساب هذا الحكم الدرجة القطعية، ومن هذه القوانيين قانون العقوبات العراقي فقد نصت المادة (154) منه (…سقوط العقوبة المحكوم بها نهائياً…) فاذا لم يكن الحكم مكتسباً الدرجة القطعية أي لم يكن نهائياً فان طرق المراجعة القضائية مازالت مفتوحة، وهذا النص يدل على الطابع الاحتياطي للعفو الخاص وبمفهوم المخالفة فان العفو الخاص عديم الاثر إذا صدر قبل صيرورة الحكم نهائياً .
ولاهمية موضوع العفو العام والخاص ، فقد تناولنا هذا الموضوع من خلال قناتنا ( قناة قانونيات ) وذلك من خلال اللقاءات المتسلسلة التي تحدثنا وسنتحدث فيها عن موضوع (مفهوم العفو العام والخاص واثرهما على العقوبات الانضباطية وبالخصوص على عقوبتي الفصل والعزل) .
نتمنى ان نكون فد وفقنا في معالجة الموضوع ، كما نتمنى ان تعم الفائدة مما نطرح من مواضيع على قناتنا هذه ( قناة قانونيات ).ولمزيد من المواضيع القانونية ، تابعونا على قناتنا ( قناة قانونيات ) وعلى مدونتنا هذه ( مدونة قانونيات ) وذلك ليصلكم كل جديد يتعلق بالوظيفة العامة .
للدخول الى رابط نشر اللقاءات - اضغط هنا
author-img
المستشار ماجد شناطي نعمه

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent