تناول الفقه الاداري في العراق تعريف سحب القرار الإداري اذ عرفه الاستاذ حامد مصطفى بقوله " يقصد بسحب القرار وقف نفاذه في الماضي والمستقبل اي اعتباره كأنه لم يصدر. وبذلك تسقط جميع الاثار التي ترتبت عليه في الماضي ووقف نفاذه في المستقبل "([1]) .
اما الدكتور شاب توما منصور فيعرفه بانه " يقصد بسحب القرار الاداري انهاء اثاره بالنسبة للمستقبل والماضي وبعبارة اخرى هو الغاء القرار الاداري باثر رجعي "([2]) .
في حين عرفه الدكتور ماهر صالح علاوي بانه " اظهار الادارة -التي اصدرت القرار الاداري او الادارة الاعلى منها – ارادتها بمحو القرار الاداري ومحو اثاره للماضي والمستقبل "([3]) .
كما قدم الدكتور مازن ليلو راضي تعريفا للسحب بقوله: " يقصد بسحب القرارات الادارية اعدامها باثر رجعي من تاريخ صدورها ، وكأن القرار لم يولد مطلقا ولم يرتب اية اثار قانونية " ([4]).
ويذهب الدكتور عثمان سلمان غيلان عند حديثه عن تعريف سحب القرار التأديبي الى القول : "السحب هو عبارة عن قرار اداري تصدره السلطة المختصة في الادارة التي قامت بتوقيع العقوبة او الجهات الرئاسية لها ، يتم بمقتضاه ازالة الاثار المترتبة على تلك العقوبة باثر رجعي لأسباب تتعلق بعدم مشروعية القرار التأديبي او عدم ملاءمته ، بقصد تصحيح الاخطاء التي وقعت بها الادارة عند فرضها للعقوبة التأديبية " ([5])
وذهب ديوان التدوين القانوني (سابقا ) مجلس الدولة (حاليا ) في أحد فتاويه الى القول: " ان سحب القرار الاداري يرد في صدد مشروعية القرار الاداري اذ يفترض ان تكون العقوبة الانضباطية قد استندت الى دواع صحيحة والا كانت غير مشروعة ويكون سحبها هو جزاء اللامشروعية شريطة ان لا ينص القانون على خلاف ذلك. وحيث لم يرد نص في قانون انضباط موظفي الدولة يتضمن مثل هذا المنع لذلك يكون من صلاحية الوزير سحب العقوبة الانضباطية الصادرة منه اذا ثبت انها فرضت خطأ وبسبب الوقائع التي استندت عليها لا تقوم على اساس صحيح " ([6]).
وسحب القرار الاداري قد يكون كليا شاملا لجميع محتوياته واثاره ، وقد يكون جزئيا مقصورا على بعضها مع الابقاء على بعضها الاخر ، والحكمة من اباحة السحب هي ان القرار المخالف للقانون يبقى فترة من الزمن معرضا للإلغاء بالطريق القضائي فمن المنطق ان يكون لجهة الادارة ان تتجنب حكم القضاء بالإلغاء ، فتسبقه وتصلح بنفسها شوائب القرار وعيوبه ([7]) .
فالقاعدة العامة التي تحكم سحب القرارات الادارية ان القرار السليم الذي يرتب حقا لا يجوز سحبه ، وان القرارات المعيبة يجوز سحبها خلال مدة الطعن القانوني ، فاذا انقضت تلك المدد تحصن القرار المعيب وعومل معاملة القرارات الادارية السليمة الا في حالتين ، وهما : حالة انعدام القرار المعيب ، او صدوره بناء على غش من ذي مصلحة ، فحينئذ يحق للإدارة ان تسحب القرار المعدوم في اي وقت تشاء ([8]) اما بصدد سحب القرارات الادارية الصحيحة ، فان معظم الفقه يتجه الى عدم جواز سحب القرارات الادارية الصحيحة سواء كانت هذه القرارات صادرة بناء على سلطة مقيدة او سلطة تقديرية ، بل وحتى ولو لم يترتب عليها حقوقا لاحد ، لان السحب لا ينصب الا على القرارات المعيبة قانونا دون غيرها.... ويرجع الاساس الذي يمكن الاستناد اليه في تبرير عدم جواز سحب القرار الصحيح الى مبدأ عدم جواز الرجعية في القرارات الادارية ، وهو من المبادئ القانونية العامة المستقرة والذي تلتزم الادارة باحترامه واعماله باعتباره احد القواعد القانونية التي تدخل ضمن التنظيم القانوني للدولة ، ومن ثم تعد مخالفته اخلالا بقاعدة قانونية يؤدي الى عدم مشروعية القرار([9]).
الموضوع نقلا عن مؤلفنا النظام القانوني لمحو العقوبة الانضباطية في التشريع العراقي - دراسة مقارنة .
حول موضوع تعريف القرار الاداري اضغط هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2- د شاب توما منصور – القانون الاداري- دراسة مقارنة – مصدر سابق - ص410 .
3- د ماهر صالح علاوي الجبوري – الوسيط في القانون
الاداري – دون عدد طبعة – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي–بغداد- 2009 –ص 403 .
4-د مازن ليلو –
القانون الاداري -الطبعة الثالثة – مطبعة جامعة دهوك –دهوك – 2007- ص239
5-د عثمان سلمان غيلان – النظام التأديبي لموظفي الدولة- مصدر سابق – ص 57
6-فتوى ديوان التدوين القانوني رقم 132/1972 في
27/5/1972 نقلا عن د عبد القادر الشيخلي – النظام القانوني للجزاء التأديبي – مصدر
سابق – ص 543 .
7- ماجد محمد
ياقوت- شرح الاجراءات التأديبية- دون عدد طبعة -منشاة المعارف - الاسكندرية 2004- ص793 .
9- د. سامي جمال الدين – نظرية
العمل الاداري – دون عدد الطبعة –دار الجامعة الجديدة – الاسكندرية -2011 – ص250 ويذهب الدكتور
الطماوي عند حديثة عن جواز سحب القرارات السليمة ومبررات ذلك الى القول:" ونحن رغم
تسليمنا بنبل الاعتبارات التي يصدر عنها هذا النظر ، فأننا لا نحبذ التوسع في سحب
هذا النوع من القرارات ففكرة عدم رجعية القرار الاداري لا تستند الى فكرة احترام
الحقوق المكتسبة والمراكز الشخصية ، بل تقوم على اعتبارات اخرى تتعلق بممارسة
الاختصاصات الادارية في حدود القانون ، وان ممارسة الاختصاص انما تكون بالنسبة
للمستقبل ، ولو فتحنا هذا الباب على مصراعيه فأننا نخشى المحسوبية بان يجئ في اي
وقت من الاوقات رئيس اداري او هيئة ادارية تكون لها وجهة نظر معينة فتسحب مثلا
العقوبات الموقعة على الموظف رغم ما تكون تلك العقوبات قد قامت على اسباب جدية
تبررها ...لذا فأننا نرى عدم اباحة الرجعية في هذه الحالة الا في اضيق الحدود
" د. سليمان محمد الطماوي – النظرية العامة للقرارات الادارية دراسة مقارنة –
الطبعة الرابعة – دار الفكر العربي – القاهرة – 1976 – 662- 663 .