مدونة قانونيات/ بحوث ومقالات
من هو المستشار القانوني ؟
مقال قيم للأستاذ الدكتور
غازي فيصل مهدي
تخلع وسائل الاعلام وصف المستشار القانوني او الخبير القانوني على بعض القانونيين المقربين اليها دونما ضوابط موضوعية فتلتقي بهم في برامج وندوات فيفتون في بعض الاحيان بما ليس لهم به من علم فيضل الناس سواء سبيل القانون ،اما في دوائر الدولة فأن عنوان مستشار قانوني يمنح عندما يتم ترفيع الموظف القانوني الى الدرجة الأولى من الدرجات المالية التي احتواها الجدول الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام لسنة ٢٠٠٨ المعدل فالعنوان المذكور قرين الترفيع لاينفك منه وهذه طامة كبرى في نظام الوظيفة العامة في العراق اذ ما علاقة الزيادة في الراتب بمنح الترقية ،اوليس لكل منهما مساره وشروطه القانونية ؟ ان وظيفة المستشار القانوني عظيمة لأنه يرشد الادارة الى التطبيق السليم لاحكام القانون ويحل الاشكالات القانونية بايجاد المخارج لها ويفترض في الرأي الذي يبديه الحق والصواب ولهذا اقتضى الأمر أن يكون حاويا على القدرات الذهنية والملكات القانونية التي تساعده على ابداء الرأي القانوني السديد والمشورة النافعة وهذا لعمري غير متوفر عند كل رجال القانون فليس كل من حصل على شهادة في القانون اصبح صالحا لأن يكون مستشارا قانونيا لأن هناك من يحمل اسفارا من علم القانون على ظهره ولكنه يجهل ابجدياته ،فرجال القانون اللامعون قليل ماهم .ان هناك مواصفات يجب توفرها في المستشار القانوني ومن اهمها : -
(١)الشجاعة في ابداء الرأي على الرغم من انها تؤدي احيانا الى الخصام مع بعض الرؤساء الاداريين الذين يريدون المروق عن القانون وعدم التقيد باحكامه وعلى هذا فأن على المستشار القانوني ان يقول قولا فصلا ليس بالهزل في كل ما يعرض عليه وبحيادية تامة ولايخشى لومة لائم فالحق عال والباطل مدموغ ولو بعد حين ،وفي واقعة حدثت معنا نذكرها ههنا للذكرى، ففي عام ١٩٨١ كلفنا بشغل وظيفة مدير المديرية القانونية في ديوان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكالة وكان على رأسها وزير بعثي احمق ومتهور طلب الينا ابداء الرأي في موضوع يخص احد الطلبة المبتعثين فلبينا الطلب الا ان رأينا لم يوافق مزاجه المتقلب فطلب من المدير العام توجيه عقوبة الانذار الينا وادراج اسمنا في قوائم الموظفين الفائضين وبالفعل تم نقلنا الى وزارة الشباب ولكننا لم ننفك بسبب التحاقنا بالخدمة العسكرية وعندما طلبنا كتاب عدم ممانعة للتقديم الى المعهد القضائي رفض أعطاءنا اياه الا ان المدير العام كان منصفا ومتعاطفا معنا فقال له سأعطيه كتاب عدم الممانعة وعلى مسؤوليتي وفعلا تم تزويدي بالكتاب المذكور وقبلت بالمعهد ولكني لم التحق به في حينه لاستمراري في اداء الخدمة العسكرية هذا وبعد ان دارت الدوائر وتم اعفاء الوزير المذكور من منصبه حل محله وزير عادل ومنصف فطلبت منه اجازة دراسية لقبولي بدراسة الماجستير في جامعة بغداد فقال لي انا مستعد لمنحك الاجازة شرط ان يتم الغاء امر نقلك الى وزارة الشباب فما كان مني إلا أن استصرخ النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء في حينه وعرضت عليه ظلامتي وبعد التأكد من صحة المعلومات التي دونتها بالطلب صدر كتاب بتوقيعه يقضي بالغاء امر نقلي وابقائي على ملاك وزارة التعليم العالي ومنحي الاجازة الدراسية،هذا مثال سقناه لاتبجحا بل عبرة لمن يعتبر ولهذا نقول للمستشارين القانونيين لاتخافوا ولاتحزنوا من جور الرؤساء الاداريين الظلمة لأن الله معكم في احقاق الحق وتحقيقه .
(٢) يجب ان يكون المستشار القانوني ذا خبرة في تفسير النصوص القانونية فهو بمنزلة الفقيه ولهذا يحسن به ان يتسلح بعلم المنطق القانوني وان يحيط علما مفصلا بكل النظريات والمباديء القانونية.
(٣) ان الادارة ورؤساءها تنتظر من المستشار القانوني رأيا حصيفا ولهذا عليه ان يتجرد من اهوائه وعواطفه ويضع الله ومصالح الناس نصب عينيه فلا يزيغ عنها وليحسب نفسه قاضيا ومطلوب منه تحقيق العدالة وسيكون الله في عونه .تلك هي أهم المواصفات التي يجب توفرها في المستشار القانوني علما بأنه لفت نظرنا وجود جمعية للمستشارين القانونيين ولا نعلم كيف تأسست وعلى اي قانون استندت والغريب انها اعلنت قبل ايام استقبال طلبات الراغبين في الانتماء اليها ودون تحديد الشروط المطلوبة والذي نأمل أن لاتكون هذه الجمعية تجمعا نقابيا يرعى مصالح اعضائه حسب بل مؤسسة حيوية تسهم في إعداد المستشارين القانونيين من خلال دورات متخصصة ومكثفة حتى يتخرجوا منها عونا للادارة وناصرين للمظلومين في هذا البلد وما أكثرهم.
للدخول الى رابط نشر المقال اضغط هنا