فكرة
القاضي اياد محسن ضمد
2019-09-22 11:57:00
كل الأحداث تبدأ بفكرة،
تنمو وتنضج لتنتج بعد ذلك آثارا ربما تكون سيئة وربما تكون حسنة....الحرب فكرة
لكنها مدمرةً تصنع حقبا سوداء وتترك خلفها قوافل من الايتام والارامل والسلام فكرة
جيدة تجعلنا ننعم بحياة هانئة وهادئة.
الفكرة نتاج فرد
والكثير من الافراد انتجوا أفكارا غيرت واقع البشرية وتاريخها وانتاج الفكرة
المميزة والهادفة ليس بالامر الهين، وفي اي مجتمع فان الافراد الذين لديهم القدرة
على انتاج الفكرة المميزة قليلون وربما نادرون وغالبا ما يرتبط بقاء الأمم ونجاحها
وقدرتها على التنافس بقدرة افرادها على التفكير والامة التي تعيش بلا فكر تعيش في
هامش الحياة.
القوانين بتنوعها بدأت
كأفكار نمت وتطورت وانتشرت لتنظم حياة الافراد وتحفظ حقوقهم فالحقوق المنصوص عليها
في قانون الخدمة المدنية للمرأة المتعلقة باجازة الوضع والامومة كانت مجرد افكار
تضمنتها اتفاقية سيداو تحولت بعد ذلك الى قوانين ملزمة تحقق فوائد كبيرة للمرأة في
اغلب الدول.
القرار رقم ١١٥ لسنة
١٩٩٤ الصادر من مجلس قيادة الثورة المنحل والمتضمن قطع صوان الاذن ووشم الجباه لمن
تخلف عن اداء الخدمة العسكرية في العراق قبل العام ٢٠٠٣ كان مجرد فكرة، لكنها فكرة
مجرمة وغير انسانية نمت وتطورت وتحولت الى قانون شوه وجوه الالاف من الشباب
العراقيين بقطع اذانهم ووشم جباههم وسبب اثارا نفسية في داخلهم لا يمكن محوها
وهكذا ربما تكون الفكرة القانونية جيدة فينتفع منها الملايين وربما تكون عكس ذلك
فتنتج آثارا لا تتلاءم والغايات الانسانية والتنظيمية التي وجدت القوانين
لتحقيقها.
وتأسيسا على ذلك
فان ما ذكرته انفا يمثل دعوة لكل قانوني ولكل شخص مهتم بالثقافة القانونية اكان
قاضيا ام محاميا ام استاذا جامعيا لان يضع نتاج فكره القانوني لصياغة قانون او
تعديله او قراءته بما يحقق صالحا وطنيا عاما فلا يكفي ان يعمل المختص في المجال
القانوني بل ينبغي ان يفكر وان ينشر نتاج فكره الايجابي واذكر انه في السنوات
الماضية لم يكن قانون المفصولين السياسيين يتيح لمن يصدر قرارا برفض اعتباره
مفصولا سياسيا بان يطعن بالقرار لان القانون كان يشير الى ان قرارات لجنة التحقق
في الأمانة العامة لمجلس الوزراء قطعية وقد مر القانون المذكور على الالاف وربما
الملايين دون ان يفكر شخص في معالجة هذا النص المجحف حتى انبرى احد الموظفين ممن
رفضت اللجنة اعتباره مفصولا سياسيا للطعن بالقانون واستعان باحد المحامين ممن
يمتلكون ارادة شجاعة وفكرا نيرا ليقدم طعنا امام المحكمة الاتحادية بعدم دستورية
النص الذي يمنع الطعن بقرار اللجنة لمخالفته المادة ١٠٠ من الدستور ولتصدر المحكمة
قرارا بذلك ما نتج عنه فائدة شملت فئة كبيرة من المشمولين بالفصل السياسي من خلال
فكرة انتجها مواطن وتبناها ودافع عنها محام وحولتها المحكمة الى قرار ملزم جنى
الكثيرون ثماره.
مشاريع الاسكان ورواتب
الرعاية الاجتماعية وقروض العاطلين عن العمل كلها أفكار قانونية انتجها مجموعة
افراد ربما لا يعرفهم احد إلا أن نتاج فكرهم القانوني يلمسه الجميع ممن يتمتعون
بامتيازات تلك القوانين.
المقال منشور على موقع السلطة القضائية للرجوع له اضغط هنا